باب معنى التوحيد وأنواعه وأقسامه :
معنى التوحيد :
هو إفراد الله بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات
أنواع التوحيد :
التوحيد نوعان :
الأول : توحيد المرسِل وهو توحيد العبادة ويدل عليه الشطر الأول من الشهادتين وهو قولنا " لا إله إلا الله " .
والثاني : توحيد المرسَل وهو توحيد الاتباع ، ويدل عليه الشطر الثاني من الشهادتين وهو قولنا " محمد رسول الله " .
أركان التوحيد :
للتوحيد ركنان :
الركن الأول : النفي وهو مأخوذ من قوله " لا إله "
الركن الثاني : الإثبات وهو مأخوذ من قوله " إلا الله "
ويعبر عن الركن الأول وهو النفي بالكفر بالطاغوت كما في قوله تعالى " فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى "
وقوله تعالى " ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت "
قال ابن القيم " وطريقة القرآن في مثل هذا أن يقرن النفي بالإثبات فينفي عبادة ما سوى الله ويثبت عبادته وهذا هو حقيقة التوحيد "
وفي صحيح مسلم " عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ وَحَّدَ
اللَّهَ كَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَرُمَ مَالُهُ
وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ "
أقسام التوحيد :
التوحيد يقسمه العلماء إلى قسمين :
توحيد في العلم والاعتقاد وتوحيد في الإرادة والقصد فالأول هو التوحيد العلمي الخبري والثاني هو التوحيد الإرادي الطلبي .
وبعضهم يقسمه إلى ثلاثة أقسام :
توحيد الألوهية و توحيد الربوبية و توحيد الأسماء والصفات .
والمقصود بتوحيد الألوهية أي إفراد الله بأفعال العباد وهو توحيد الله بالعبادة فلا يصرف شيءٌ من العبادة لغير الله .
والمقصود بتوحيد الربوبية أي إفراد الله بأفعاله وهو توحيد الله بالخلق
والملك والتدبير فلا ينسب شيء من أفعال الله التي اختص بها لغيره ، فهو
وحده الخالق الرازق المحي المميت الضار النافع المدبر إلى غير ذلك مما
أثبته سبحانه لنفسه .
والمقصود بتوحيد الأسماء والصفات أي إفراد الله بأسمائه الحسنى وصفاته
العلي و لا تنسب شيئاً من أسمائه أو صفاته مما لا يليق إلا به لأحد من
خلقه .
ومن الآيات التي جمعت أقسام التوحيد الثلاثة قوله تعالى " رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً "
وقد ابتدأ الله كتابه بسورة الفاتحة وختمه بسورة الناس وهما من السور التي جمعت أقسام التوحيد الثلاثة .
ومن الأدلة على تعدد التوحيد قوله تعالى " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون "
فأثبت لهم الإيمان بالله وهو توحيد وفي نفس الوقت وصفهم بالوقوع في الشرك
وهو ضد التوحيد فدل على أن التوحيد الذي حققوه غير التوحيد الذي نفاه الله
عنهم بشركهم فدل على أن التوحيد يتعدد وهو المراد .
ومن مقاصد هذا التقسيم أن نعرف ما ينافي التوحيد من أنواع الشرك التي تتعلق بهذه الأقسام الثلاثة .
وفي ذلك يقول أبو جعفر الطحاوي مبتدئاً عقيدته بقوله " نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق من الله إن الله واحد لا شريك له "
قال الشيخ الألباني في شرحه (ص31) " إن نفي الشريك عن الله تعالى لا يتم إلا بنفي ثلاثة أنواع من الشر
والأصل في هذه الأقسام الثلاثة هو توحيد الربوبية .
والتوحيد الذي دعت إليه الرسل وكانت فيه الخصومة مع أقوامهم هو توحيد الألوهية المتضمن لتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات .
والدليل على أن الأصل هو توحيد الربوبية قوله تعالى " ولئن سألتهم من
خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون " فأنكر الله عليهم شركهم وهم يؤمنون
بالربوبية ومما يوضح ذلك كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن التوكل من
نتائجه والتوكل من أعلى مقامات الدين وقد يصدر من الكافر وذلك لأن تعلقه
بالربوبية أقوى من تعلقه بالألوهية وهو عند المؤمن يكون في الرخاء والشدة
وأما عند الكافر فلا يكون إلا في الشدة لأن المؤمن محقق للأقسام الأخرى .
أقسام الشرك :
يقسم العلماء الشرك إلى أقسام عدة حسب متعلقه :
فمن جهة حكمه :
ينقسم إلى شرك أكبر يخرج صاحبه من الملة لقوله تعالى " فمن يشرك بالله فقد
حرم الله عليه الجنة " وشرك أصغر وهو أكبر من الكبائر ، لقوله صلى الله
عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي بكرة :" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر
" قلنا بلى يا رسول الله قال " الإشراك بالله وعقوق الوالدين " وقول ابن
مسعود " لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليَّ من أحلف بغيره صادقاً "
ومن جهة ظهوره :
ينقسم إلى شرك جلي ومنه أكبر وأصغر وشرك خفي وهو من الشرك الأصغر يدل على
ذلك حديث أبي موسى الشعري عند أحمد والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : " يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل "
وجاء في الأثر المروي عن أبن عباس أنه قال " إن القوم ليشركون بقولهم لولا الكلب لسرق البيت"
وبين شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله أن سبب ذلك الغفلة عن المسبب وهو الله والالتفات إلى السبب .
ومن جهة تعلقه بأقسام التوحيد الثلاثة :
شرك ينافي توحيد الألوهية :
وهو صرف شيء من العبادة كالدعاء والذبح والاستغاثة لغير الله وهو من أقسام الشرك الأكبر .
شرك ينافي توحيد الربوبية :
ومنه ما هو شرك أكبر كأن يعتقد أن أحداً غير الله يستطيع أن ينزل المطر أو
يضر أو ينفع بذاته ومنه ما هو شرك أصغر حسب اعتقاد صاحبه كأن يعتقد أن
الأنواء سبب لإنزال المطر أو أن التمائم سبب لجلب النفع أو دفع الضر أو
كمن يحلف بغير الله .
شرك ينافي توحيد الأسماء والصفات :
وهو أن ينسب شيئا من صفات الله أو أسمائه التي أختص بها كالعلم والخلق
والإحياء والإماتة إلى أحد من خلقه وهو من أقسام الشرك الأكبر .
ومن جهة مصدره ومنبعه :
شرك في الاعتقاد : ومنه شرك أكبركمن جحد شيئا مما جاء في كتاب الله ومنه شرك أصغر كمن حلف بغير الله
شرك في الأفعال : ومنه أكبر كمن سجد لصنم أو استهزأ بدين الله ومن أصغر كمن حكم بغير ما أنزل الله كما قال ابن القيم رحمه الله .
شرك في الألفاظ : مثل أن يقول لا حول الله أو توكلت على الله ثم عليك وغيرها